الجمعة، 5 فبراير 2016

برنامج اليوم العلمي حول موضوع: "أسئلة الجسد في المجتمعات العربية" ~ السبت 06 فبراير بالرباط

Body in Arab societies

تنظم مؤسسة مؤمنون بلا حدود 
يومًا علميًّا حول موضوع: 
"أسئلة الجسد في المجتمعات العربية"
بمشاركة ثلة من المتخصصين في الموضوع
بتاريخ:  السبت 6 فبراير 2016 بدءًا من الساعة 9:30 صباحًا

بقاعة صالون جدل الثقافي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود
 تقاطع زنقة واد بهت و شارع فال ولد عمير- عمارة ب. أكدال
الرباط -المغرب
الهاتف: 00212537779954

يعد الجسد من أكثر الأسئلة إرباكًا في سياقات إنتاج المعنى، ومن داخل مقتربات ومحتذيات عديدة، إنّه مثير للاختلاف، في تمثله وتدبيره و"استقباله" وقراءته. لأنّه يتجاوز بنيته المادية المفتوحة على توصيف "الجسم" الخام، إلى مبناه ومعناه الثقافي المحدد في الجسد، والمثقل أساسًا بِكَثيرِ دلالات ورموز وعَميقِ توترات وتسويات.
فضلاً عن أنّه حاضر بقوة في ترتيب الوضعيات والتعبيرات الاجتماعية، من خلال استثماره وتوظيفه في مختلف السياقات المجتمعية، فالهيمنة كما يقول بيير بورديو تمارس خفيةً وعلنًا، "في الجسد، وبالجسد أو امتداداته على درب المعنى والرمز". فليس هناك من سجل مجتمعي لا يوقِّعُ فيه الجسد حضوره وفاعليته المُبَنْيِنَة والمُبَنْيَنَة.
حساسية الجسد وامتدادات أسئلته في المجال والإنسان، تدعو بإلحاح إلى توسيع دوائر النقاش بصدده، من مدخل التبئية والمساءلة في اتصالها بالراهن، في حَدَّيه الزمني والمكاني، أي اتصالاً بالمجتمعات العربية في اعتمالاتها وتحولاتها المستمرة. كما توجب البحث في إشكالات التعاطي معه في ظل مجتمعات لم تحقق "ثورتها" الجسدية، وما زال الجسد فيها مصدر قلق وتوتر مجتمعي، يمتد إلى مجالات السياسة والدين والمجال العام والحريات الفردية.
من المعلوم أنّ الواقعة الاجتماعية ترتبط بإطارها التاريخي والاجتماعي، والمطلوب في كل حين، هو البحث عن خصوصية هذا الارتباط والاستمرار، وِفْقَ أداء تراكمي لا يفصل بين الفعل وسياقات بنائه وإنتاجه، ولا بين الفاعل وباقي الفاعلين، ولا بين كل هؤلاء وبين النسق العام والأنساق الفرعية التي تتقاطع وتترابط وتتداخل معها أسئلة الجسد.
            إنّ هذا البعد العلائقي يدعونا إلى استحضار المحلي والشمولي في قراءة الجسد، بناءً ثقافيًّا ومَتْنًا هوياتيًّا، يتواصل ويتفاعل ويتنافس عن طريقه الأفراد في مجتمعات لم تحسم بشكل واضح علاقتها مع الجسد. فدليل وجودنا كما يؤكد دافيد لوبروتون هو الجسد، هو ما يمنحنا الاعتراف من قبل الأغيار، إلا أنّ هذا الوجود الجسدي، لا يكتمل إلا برمزية اجتماعية، تعبر عن تاريخ من التطويع والبناء وإعادة الإنتاج، ما يدفع إلى القول بأنّ تاريخ كل مجتمع هو تاريخ أجساده.
بالرغم من الحضور المخصوص الذي يسجله الجسد في المشهد العام، فإنّ "قراءته" تظل مغيبة أو مهمشة في أحسن الأحوال، فهل الأمر عائد إلى العلاقة المتوترة التي "تبنى" بين المجتمع وأجساده؟ أو لأنّ الجسد ذاته لا يلوح إلا في سياق التمفصل مع الديني والاجتماعي والسياسي.. بما يؤسس هذا اللقاء من تباين وتقاطع وتنافر، أو تسوية وإضمار في أحسن الأحوال؟
ألا يشكل الجسد مشهد اغتراب في ثقافة "النحن" بسبب تمظهراته المتعددة، وإشكالاته المتواترة على مستوى التمثل والتعاطي والاشتغال والاستثمار؟ ألم يمنع الجسد من التداول في سياقات الهنا والآن؟ ألم يخضع لمزيد من "الحجب" والتطويع ولربما "التسليع" أيضًا؟ ألا يحضر في حدود المفارقة والتوتر في أحايين كثيرة؟ وبعد، من ينتج وينمط ويؤسس الجسد؟ أو هو مَتْنٌ في "ملكية" الفرد أم هو نتاج خالص وخاضع للأنساق التي ينتمي إليها؟
يوصينا ماكس فيبر بضرورة نزع القداسة عن المقدس، أملاً في مقاربته واكتشاف دلالاته وامتداداته، وهو ما يتوجب الانتصار إليه أثناء التفكير في الجسد الذي كثيرًا ما يتوزع بين المقدس والمدنس، تمثلاً وتوظيفًا واستقبالاً. إنّ الجسد، والحالة هذه، أجساد وحيوات متعددة، تختزل تاريخًا من التحولات المجتمعية التي حسمت أحوال الجسد ومآلاته في رمزيته وماديته، في حريته واستعباده، في خصوصيته وعموميته، طبيعيته وغرابته، وما إلى ذلك من الثنائيات والأزواج التي يثيرها هكذا موضوع ملتبس.
ما يبرر أيضًا الحاجة إلى التفكير في الجسد وفي المجتمعات العربية الإسلامية، هو ما يثيره من مواقف ومواقف مضادة أثناء ظهوره/ضموره في الفضاء العام، فهو يشكل وضعيةً مفارقةً مرة أخرى، إنّه المرئي واللامرئي، المبارك والملعون، المحتفى به والمرفوض أيضًا. إنّه الأيقونة بل الأسطورة البارزة في هذا المجال، حولها، ومن خلالها، يبنى اللعب ويتواصل الرهان، فهل صرنا نعيش إيديولوجيا الجسد؟
إنّ الجسد اليوم تتنازعه أكثر من رؤية أو براديغم، فلا حدود للجسد من حيث الاشتغال، إنّه حاضر في اشتغالات العلم والدين والسياسة والتمثل الشعبي، إنّه العابر للسجلات الثقافية والفكرية، فلم يعد مجرد "جسم" مفرغ من الدلالات، بل استحال إلى "متن" رَامِزٍ وحابل بالقيم والمعتقدات والفُهُوم، إنّه "حمال أوجه" متعددة الأبعاد والانتماءات، فيه ومن خلاله نقرأ تاريخ الأفراد والمجتمعات، ونعيد النظر أيضًا في كثير من اليقينيّات والمسلمات. فالجسد هو تاريخ المجتمع في سائر حاله ومآله.
إنّ الجسد بناءً على هذا الترتيب لن يكون سوى "مجموعة بنيات وعلاقات وتصورات وممارسات وخطابات"، إنّه كل متداخل ينتج ذاته ويعيد إنتاجها باستمرار عن طريق نظام معقد من الرموز والسنن والتفاعلات، التي يبصمها أيضًا ما يعتمل في السياق من احتفاء بالجسد أو تضييق عليه.
لهذه الاعتبارات كلها، توثر مؤسسة مؤمنون بلا حدود، أن تستعيد أجواء التناظر الفكري بصدد مقولة الجسد، وتحديدًا في السياق العربي الإسلامي، اقتناعًا منها بأنّ الخطاب العلمي هو الكفيل بإنجاز قراءة موضوعية في هذا "التوتر" الجسدي، تسمح باكتشاف "الجسد" وتحديد أحواله ومصائره. وذلك باعتماد مقاربة متعددة الأبعاد، يحضر فيها صوت العلم قادمًا من قارات معرفية متعددة، وتتوزع على علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والأدب والأنثروبولوجيا...
أسئلة الجسد في المجتمعات العربية
أسئلة الجسد في المجتمعات العربيةأسئلة الجسد في المجتمعات العربية


 

0 التعليقات:

إرسال تعليق