الأربعاء، 6 يناير 2016

تقرير عن المؤتمر الوطني الثالث للغة العربية في موضوع: “اللغة العربية وسؤال المعرفة”

Report on the Third National Conference of the Arabic language

شهدت رحاب المكتبة الوطنية للمملكة بالرباط يومي الاثنين و الثلاثاء28 ـ 29/12/2015 أشغال المؤتمر الوطني الثالث للغة العربية الذي ينظمه الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في موضوع "اللغة العربية وسؤال المعرفة".
وفي كلمة ترحيبية بالمناسبة حرص رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فؤاد أبو علي، على توجيه ثلاث رسائل: الأولى إلى المدافعين عن اللغة العربية معتبرا أن الدفاع عن لغة الضاد “قضية وجود للوطن والأمة"، والثانية إلى المنافحين عن الأمازيغية بقوله إن:" اللغتين الأمازيغية والعربية لهما مصير مشترك؛ وهو ما يقتضي خلق تحالف إستراتيجي للدفاع عنهما" قائلا: “تعالوا إلى كلمة سواء لمواجهة الخسارة التي ستلحق كلينا إذا لم تتضافر جهودنا”. والثالثة إلى الفرنكفونيين الذين خاطبهم قائلا:"كفاكم تجرؤا على لغات المغاربة وهويتهم، وكفاكم لعبا بالنار".
وفي كلمة بالمناسبة أكد رئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل تفاعلات وطنية ودولية وذلك من جهة بعد صدور الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين (2013-2030) الذي تعمل الحكومة على إخراج إطارها للوجود وتحضير المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية، ومن جهة ثانية في انسجام مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو). وأبرز السيد ابن كيران في الكلمة التي تلاها بالنيابة عنه مستشاره الدكتور خالد الصمدي إلى دور اللغة العربية التاريخي في نشر المعرفة داعيا إلى سياسة عمومية مندمجة ومتعددة الأوجه تتضافر فيها جميع الجهود لحماية اللغتين الرسميتين للمملكة مع ضمان الانفتاح على اللغات الحية.

من جانبه قال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى الخلفي إن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع وجودي مشددا على الأمن اللغوي والسيادة اللغوية دفاعا على اللغتين العربية والأمازيغية بعد تصاعد دعوات التلهيج والتدريج واستنبات قيم بديلة. وأكد الوزير أن الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية "أبان في دفاعه البطولي عن اللغة العربية عن وعي حضاري واستراتيجي وطني" داعيا إلى مواصلة التفكير من أجل التمكين للغتين الرسميتين بعد إصدار "معجم الإعلام" وإطلاق مرصد للغة الإعلام وذلك بتنسيق مع معهد الدراسات والأبحاث للتعريب والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
من جانبها أفادت الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر السيدة جميلة المصلي بأنه من ضمن الإشراقات التي تعرفها اللغة العربية بالرغم من الأزمات التي تواجهها حصولها على الدرجة السادسة من ضمن 60 لغة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وتفوقها على اللغة الفرنسية في أوساط الطلبة البريطانيين وفتح أقسام لها في عدد من جامعات العالم. وأضافت الوزيرة أن اللغة العربية "العصية على المتآمرين عليها" تعد الخامسة عالميا من حيث عدد الناطقين بها والخامسة أيضا من حيث التأثير والرابعة على الأنترنيت وإحدى اللغات التي اختارتها منظمة الأمم المتحدة لاستعمالها رسميا.
وفي كلمة للسيد عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) نوه بمبادرة الائتلاف في الاحتفاء باللغة العربية مشيرا إلى أنها مبادرة تعبر عن الاعتزاز بهذه اللغة والعناية بها والسعي للحفاظ عليها في مواكبة مضطردة للتغيرات الإنسانية. وجاء في الكلمة التي تليت بالنيابة عنه أن الاحتفال يدعو إلى توطيد العزم على إعادة الاعتبار للغة العربية وتضافر جهود المسؤولين والمجتمع المدني على كافة الأصعدة لاعتمادها لغة التدريس والإدارة ومرافق الحياة العامة لكونها مؤثرة في الحضارة العربية والإسلامية مشيرا إلى أن المؤتمر يشكل فرصة سانحة لتجديد العهد على مواصلة بناء صرح اللغة العربية.
أما السيد عبد الفتاح الحجمري مدير مكتب تنسيق التعريب فشدد في كلمته على دور اللغة في قيم إرساء الحداثة والديموقراطية وعلى ضرورة التطور بالنسبة للغة وإلا تعرضت للتجمد والموت كما جاء في كتاب (السياسات اللغوية) لجان لويس كالفي.
وعن مؤسسة علال الفاسي أكد السيد عبد الواحد الفاسي أن والده كان من علماء اللغة العربية الأفذاذ ومن المدافعين عنها وأن المؤسسة التي تحمل اسم الزعيم الراحل تعتبر نفسها شريكا في كل ما يهم اللغة العربية مذكرا في هذا السياق بالندوة العلمية التي نظمتها المؤسسة في الآونة الأخيرة في موضوع المعجمية العربية المعاصرة مع تكريم رمزي لأحد وجوهها البارزة.
وقال السيد بنعيسى يشو الباحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في كلمة بالنيابة عن مديره أحمد بوكوس إن المعهد مستعد أن يضع رهن إشارة الائتلاف حصيلة ما راكمه من تجارب بمعية شركائه ومن خلال مراكزه البحثية السبعة مشيرا إلى أن المدرسة محدد ووسيط لنقل المعارف وأن المعهد يسعى إلى بلورة رؤى استراتيجية للحفاظ على اللغة الأمازيغية عبر الاستثمار في الرأسمال اللامادي وانخراط قوى المجتمع المدني بما في ذلك الائتلاف وكذا الترجمة من اللغة العربية وإليها.
وخصص المؤتمر الفقرة التكريمية هذه السنة لشخصيتين هما الأستاذ محمد بلبشير الحسني قيدوم الدراسات الإسلامية بالمغرب الذي تسلم درع التكريم عرفانا لجهوده في خدمة اللغة العربية على مدى ستين عاما من السيد محمد الكتاني عضو أكاديمية المملكة المغربية، والإعلامي عبد الصادق بن عيسى (إذاعة البحر الأبيض المتوسط) الذي تسلم هدية تكريمية من وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. كما تم تكريم مشروع السنة بمشروع الدراسات المصطلحية لمبدع بفاس، وقد عرف الدكتور مصطفى فضيل المدير التنفيذي لمؤسسة مبدع الذي حضر بالنيابة عن الشاهد البوشيخي، حين تسلمه درع الائتلاف من الأديبة خناتة بنونة، بالمشروع الذي يختزل معضلة التراث، في ثلاث: معضلة النص من حيث جمعة وفهرسته، ومعضلة المصطلح من حيث تشكيله مفتاحا للنص، ومعضلة المنهج من حيث طريقة وكيفية مدارسة النص.
وفي أعقاب ذلك انطلقت الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها الدكتور محمد الكتاني ، وافتتحها الدكتور عبد العلي الودغيري قال الدكتور عبد العالي الودغيري أستاذ بجامعة محمد الخامس، ورئيس الجامعة الإسلامية بنيجيريا سابقا، إنه في الوقت الذي حسمت كوريا الجنوبية في لغة التدريس منذ وقت مبكر وأصبحت تحتل بذلك المرتبة الثانية في جودة التعليم في العالم بعد فنلندا وحققت طفرة تنموية هائلة، فإن المغرب أضاع 60 سنة من التردد في حسم لغة التدريس، شكلت عائقا أمام تحقيق التنمية والازدهار. وخلص إلى أن اللغة الوطنية هي المادة الضرورية لهضم المعارف وتحويلها لتحقيق التنمية، إذ أن محور التنمية الشاملة هو الإنسان، و ما دامت التنمية الشاملة متوقفة على المشاركة الشاملة والواسعة لهذا الإنسان، فإن هذه المشاركة متوقفة على اللغة الوطنية لا غير.
الدكتور أحمد شحلان المؤرخ المغربي، أقام مقارنة بين تاريخ الفرنسية والعربية، أكد فيها على ضيق الحيز الزمني والمكاني للغة الفرنسية بنت اللاتينية التي يعود تاريخ أقدم وثيقة تدل عليها إلى القرن 6 قبل الميلاد، كما أن الفرنسية مرت بأطوار: الفرنسية القديمة والفرنسية الوسطى ثم الكلاسيكية ثم السياسية الحديثة، حيث لا يمكن لمن عايش الحديثة أن يفهم اللغة الفرنسية القديمة، وهذا عكس العربية، التي تعود إلى 6 آلاف سنة قبل الميلاد، كما لا تختلف لغتها القديمة عن الجديدة كثيرا، إضافة إلى أن العربية استعملها رواد الديانتين اليهودية والمسيحية ما جعل هذه اللغة غنية من الناحية الثقافية وقادرة على استيعاب المعارف سواء تلك الناشئة في حضن الإسلام أو الوافدة من خارجه. وأضاف أن اللغة العربية هي لغة بيت الحكمة الذي ترجم الكثير من الكتب اليونانية، وهي صاحبة آلاف الكلمات من المهمل والمستعمل كما عد ذلك الفراهيدي، كما أنها لغة الفقه المالكي الذي اعتمد عليه نابليون كثيرا في تشريعه. وختم المتحدث كلامه بالبرهنة على قدرة العربية على استيعاب علوم الطب، مستعرضا تجربة واقعية على ذلك من خلال عرضه لمعجم طبي رائد باللغة العربية، أعده المغربي الخبير في العلوم الطبية عبد الحفيظ الهلايدي. وختم مداخلته بالسؤال : هل نعجز اليوم عن تدريس العربية لأطفالنا؟.
وشدد مبارك ربيع الروائي المغربي على العلاقة الوطيدة بين المجتمع واللغة، معتبرا هذه الأخيرة مرآة المجتمع التي تعكس تقدمه وتخلفه في آن، وقدم ذات المتحدث نماذج من قبائل إفريقية تخلت عن لغتها الأصلية لصالح الفرنسية والانجليزية ومع ذلك لم تحقق التنمية. عكس دول شرق آسيا التي حققت فيها كل الإيديولوجيات (البوذية، والإسلامية والليبرالية والشيوعية ) طفرة تنموية فريدة بسبب اعتمادها اللغة الوطنية. ونوه المثقف المغربي إلى دور القرآن الكريم في حماية اللغة العربية خصوصا في القرون الأربعة الأخيرة، إذ لولا القرآن –حسبه- لكان وضع العربية أسوأ مما هي عليه اليوم، إضافة إلى كونها لغة العلوم لقرون مديدة. ودعا الروائي المغربي إلى عدم الاغترار بقرار الأمم المتحدة باعتماد العربية لغة عمل والشروع في مزيد من خدمة هذه اللغة والدفاع عنها وتخصيص ورشات عملية لمناقشة قضايا محددة في النهوض باللغة العربية.
صباح الثلاثاء 29 دجنبر 2015 انطلقت الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور محمد الفران (مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب) وشارك فيها الدكتور عبد الفتاح الحجمري(مدير مكتب تنسيق التعريب) بموضوع: العربية المَحْمُولة ، والدكتور رشيد بلحبيب، نائب المدير التنفيذي، معجم الدوحة التاريخي للغة العربية– قطر بموضوع : اللغة العربية والمعرفة العلمية بحثا وتدريسا، في حين تناول الدكتور محمد الحناش، رئيس تحرير مجلة التواصل اللساني، فاس : اللغة العربية وسؤال المعرفة، والدكتور أحمد عزيز بوصفيحة، رئيس الجمعية المغربية للتواصل الصحي: دعم العربية في العلوم: من التصور النظري إلى التطبيق.
الجلسة العلمية الثالثة تناول فيها الدكتور عبد الرحيم بودلال، مدير مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية وجدة موضوع: اللغة العربية ومواكبة تطور المعرفة، وتناول الدكتور محمد أبطوي، أستاذ تاريخ العلوم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط: اللغة العربية لغة العلم والمعرفة: دلائل من التقليد العلمي العربي الكلاسيكي ، والأستاذة أمينة ماء العينين(نائبة برلمانية): في الحاجة الى انسجام السياسة اللغوية في المغرب، والدكتور أبو بكر العزاوي، رئيس الجمعية المغربية لتكامل العلوم،اللغة العربية الواقع والمأمول في ضوء مجتمع المعرفة، الدكتور إدريس الخرشاف، مدير المركز المغربي للإعجاز العلمي والتنمية البشرية التخطيط الشجري المعلومياتي للغة العربية: نموذج تطبيقي، الدكتور عمر مهديوي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس: اللغة العربية ومطالب مجتمع المعرفة والمعلومات.
وفي الجلسة الختامية تليت كلمة الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية.


التقرير منقول من موقع الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية

0 التعليقات:

إرسال تعليق