« لا يعذر أحد بجهله للقانون » مقولة لم تنص عليها التشريعات ولكنها ملازمة لصدور كل التشريعات. وهي تعبر في مسكوتها عن حالة من غياب الأمن القانوني عقب انتهاك لقانون صدر دون علم به، أو دون توقع بصدوره، أو دون فهم سليم له بسبب غياب جودة منشودة في صياغته، خاصة في ظل سياق تشريعي يتسم بسيل من الإصلاحات والتعديلات والمراجعات والاستدراكات.
بين ما هو مباح اليوم وما قد يصبح غير ذلك في الغد يتمركز مفهوم الأمن القانوني لحماية الأشخاص والأموال من الآثار السلبية للفعل التشريعي.
غير أن بلوغ هذه الغاية لا يمكن أن يتحقق في غياب رؤية تشريعية معيارية واضحة وقابلة للتوقع. ذلك أن احترام القاعدة القانونية هو نتيجة لاحترام مناخ قانوني وقضائي سليم ومستقر. بعبارة أخرى، إن الالتزام بتطبيق القانون يتطلب ضمان بيئة قانونية ملائمة مكونة من شقين متلازمين. يرتبط الأول منهما بمواصفات سن القانون والآخر بشروط تطبيقه.
بخصوص الشق الأول فهو يتأسس على مقاربة مفاهيمية تعتمد على معيار الجودة في النص القانوني بما يتطلبه من وضوح وسهولة في الفهم ودقة في تحديد المقتضيات وثبات في الزمن يعزز الثقة في الأحكام وفي المعاملات ويحترم توقع المتعاملين ويصون الحقوق المكتسبة. وذلك بدل الكثرة في الإنتاج مع الإفراط في الإحالة على النصوص التنظيمية وتعليق النفاذ على صدورها.
وهذا ما تبناه مجلس الدولة الفرنسي في تقريره العام لـسنة 2006 حيث عرف الأمن القانوني بأنه « مقدرة المواطنين –دون عناء منهم كبير- على تحديد ما هو جائز فعله وما هو غير جائز، من خلال القانون المطبق. وللوصول إلى هذه النتيجة يتعين أن تكون القواعد القانونية الصادرة واضحة ومفهومة، وأن لا تتعرض في مدة من الزمن إلى تغييرات كثيرة ولا غير متوقعة (…) لكن دون أن تسقط هذه القواعد في نزعة محافظة جامدة « .
أما الشق الثاني، فيعتمد على مقاربة وظيفية تتأسس على حسن تنزيل النص القانوني من طرف جهاز العدالة بما يترجم روح القوانين ويصون الحقوق والحريات ويحقق الإنصاف المنشود. وهذا ما يحيل على مفهوم الأمن القضائي الذي أسس له الفصل 117 من الدستور الجديد وجعله مناطا للوظيفة القضائية. ينص الفصل المذكور: « يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون ».
وغير خاف أن قيام القضاء بهذه الوظيفة وتحقيق هذا الترابط رهين بتوفر مناخ قضائي مبني من جهة على قيم الاستقلالية والتخليق وقواعد حسن السلوك ومنفتح من جهة أخرى على التحولات المعرفية والاقتصادية والمجتمعية.
في ضوء ما سبق، وفي خضم مسلسل الإصلاحات القانونية والقضائية المتواصل ببلادنا، نتساءل عن مكانة كل من الأمن القانوني والقضائي في هذه الإصلاحات؟ وهل تجعله هذه الإصلاحات غاية منشودة لها؟ وهل يستحضر القائمون على هذه الإصلاحات الشروط الكفيلة بتحقيق هذا الأمن؟
وكيف يلقي كل ذلك بآثاره على سائر مكونات المجتمع ومؤسساته من أفراد وجماعات وأسر ومقاولات وإدارة وعلاقات ومعاملات وحقوق وحريات وغير ذلك ؟
وبجملة واحدة، كيف يمكن الاستجابة لمتطلبات التغيير والإصلاح مع الحفاظ على الثقة والطمأنينة الملازمتين لتجسيد الأمن القانوني ؟
لكن قبل هذا وبعده، ما هي الأسس النظرية والفكرية التي يقوم عليها مفهوم الأمن القانوني؟ وماهي تجليات الأمن القانوني في المنظومة القانونية والقضائية المغربية ؟ وما هي الشروط والضمانات الكفيلة بتجسيد هذا الأمن واقعا معيشا وشعورا محسوسا لدى الجميع ؟
تلكم هي القضايا التي تروم هذه الندوة العلمية مناقشتها من خلال المحاور الآتية :
المحور الأول : الأمن القانوني : الماهية والوظائف
والتفريعات التي يمكن أن تندرج تحت هذا المحور:
المفهوم الأمني للقانون : المعنى الابستمولوجي- التفسير الاجتماعي -التفسير الاقتصادي- التفسير الردعي الجزائي أو التأهيلي الاصلاحي- الأمن الجسدي والأمن النفسي- الأمن المجالي و الأمن الاقليمي والامن الجهوي والأمن الدولي.
وظيفة أو وظائف القاعدة القانونية- أهداف القاعدة القانونية- القواعد المنافسة للقاعدة القانونية في تحقيق الأمن- تميز أو تراجع القاعدة القانونية عن تحقيق هذا المبتغى.
المحور الثاني : الأمن القانوني : طرق تحقيقه والضمانات التي يمنحها
والتفريعات التي يمكن أن تندرج تحت هذا المحور:
وسائل تحقيق الأمن القانوني: القاعدة المكتوبة ،القاعدة العرفية ،العادة – درجات الأمن القانوني : القاعدة الدستورية القاعدة المنبثقة عن قانون تنظيمي القاعدة التنظيمية- دقة القاعدة في تحديد الأمن القانوني.
الضمانات: ضمانات مادية ضمانات معنوية ضمانات قيمية-
ضمانات حالية ضمانات في المستقبل – ضمانات عامة ضمانات خاصة بقطاع معين أو بمجال محدد-
المحور الثالث : الأمن القانوني : التجليات في المنظومتين القانونية والقضائية بالمغرب.
والتفريعات التي يمكن أن تندرج تحت هذا المحور:
تنوع الأمن القانوني حسب الجهة المنظمة (وزارة العدل وزارة الاقتصاد والمالية وزارة الشغل…….) وحسب المجال المنظم (قانون الأسرة القانون الجنائي، قانون المالية، قانون الشغل، الضمان الاجتماعي ……) وبحسب تراتبية القاعدة القانونية (قانون تنظيمي، قانون ، مرسوم)
– تحقيق القضاء للأمن القانوني :
– بحسب ما هو متاح له قانونا
– بحسب نوعية الصياغة:-واضحة، غامضة أو مبهمة
– جيدة ، رديئة.
-عامة، دقيقة.
– بحسب جرأة القضاء على الاجتهاد لملء الفراغ القانوني أو لربط النص مع الواقع المتغير
– بحسب خبرة القاضي وسعة اطلاعه (القانون المقارن، الاجتهادات القضائية الوطنية والمقارنة، الفقه )
-بحسب مجال تنفيذ الحكم ( أشخاص ذاتيين، أشخاص اعتباريين، داخل المغرب أو خاجه).
لمزيد من المعلومات المرجو الاتصال ب :
د.محمد ناصر متيوي مشكوري : 06 62 57 02 44 / mtioui5@yahoo.fr
د.عبد الحميد أخريف : 06 68 55 80 40 /Akhrif.h@gmail.com
—————————-
0 التعليقات:
إرسال تعليق