الورقة التقديمية
لا أحد ينازع اليوم بأنه بقدر ما تعتبر ظاهرة الهجرة مصدرا ثقافيا غنيا لتلاقح الحضارات و تلاحم الشعوب وفق نظام دولي يكرس مبادئ المساواة والتضامن، بقدر ما تعد هذه التنقلات السكانية عبر المكان مبعثا للقلق لما يترتب عنها من مشكلات عديدة و معضلات مختلفة تهدد الأمن الاجتماعي و الاقتصادي و البيئي و السياسي و تقتضي التدخل العاجل لمعالجة كل السلبيات و إيجاد الحلول المراعية للأبعاد الحقوقية و الإنسانية المتعارف عليها دوليا.
و في هذا الصدد، أكدت الدراسات المنجزة حول هذه الظاهرة الاجتماعية ليس فقط على تباين الأشكال المكونة للمد الهجروي الاختياري أو الاضطراري و المتمثلة في الهجرة القانونية، اللجوء، التجمع العائلي، الكفالة، أو الهجرة غير الشرعية .... و تداخل عوامل الدفع (أو الطرد) و عوامل الجذب باعتبارها نتيجة حتمية، بل كذلك على عولمة تدفقات الهجرة و معاناة الدول المتقدمة في أوربا و الولايات المتحدة منها إلى جانب الدول النامية العربية و الإفريقية التي أضحى بعضها يعد اليوم دول هجرة و دول عبور و استقبال علاوة على ذلك، و حسب الخبيرة الدولية في مجال الهجرة كاترين دوفندن (De Wenden 2013) فإن المهاجرين يتوزعون بشكل غير متساوي، اذ يبلغون 97 مليون (م) مهاجر من الجنوب إلى الشمال، و 74 م مهاجر من الجنوب إلى الجنوب و 37 مليون مهاجر من الشمال و 40 م مهاجر من الشمال الى الجنوب و الباقي يتكون من مهاجرين من دول شرقية إلى دول غربية وآخرون، لكن نادرا من الغرب إلى الشرق.
و في هذا السياق وجب التذكير بالأحداث المأساوية الأخيرة الواقعة في المياه ما بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا من بلدان حوض المتوسط والتي جذبت وتجذب الانتباه لمعضلة المهاجرين من اللاجئين الباحثين عن لقمة العيش, وضحايا الاتجار بالبشر, والأطفال المشردين وهم يغرقون بينما يحاولون شق طريقهم الى أوروبا أو عبر خليج عدن في طريقهم الى دول مجلس التعاون الخليجي العربية عبر طرق ووسائط معدة للتهريب وغير صالحة للنقل البحري تستخدمها شبكات وعصابات تستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لهؤلاء الأفراد, وتخرق أنظمة الحدود وقوانين الهجرة المحلية, معبرة في ذلك عن أبشع صورة لانتهاك القوانين الدولية وحقوق الانسان.
علاوة على ذلك ، فقد أضحى المغرب ، الذي كان يعد سابقا من الدول الطاردة للهجرة غير الشرعية و بلد العبور، بلد استقبال وأرضا للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين النظامين أو غير النظامين على غرار المملكة العربية السعودية بمنطقة الخليج العربي المستقبلة لأعداد كبيرة من العمالة غير الشرعية الناجمة عن التخلف عن الالتحاق بقوافل الحج و العمرة أو المكوث في الدولة بعد انتهاء فترة الإقامة الشرعية المسموحة أو التسلل الفردي أو الجماعي من الحدود المجاورة.
لقد استقطبت هذه القضية بتطوراتها المتسارعة وأسبابها المتشابكة مساحة واسعة من اهتمام وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المحلية والمنظمات الإقليمية والدولية بعد أن تحولت إلى ظاهرة معقدة تضغط بقوة على الإمكانات الحقيقية لدول المصدر والعبور والإقامة وتتطلب عاجلاً تعاوناً دولياً لتقديم مساعدة وحماية فردية من نوع خاص لحقوق المهاجر الإنسانية, مقابل البحث عن طرق وآليات جديدة لمعالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية وتأثيراتها على تلك الدول من خلال تحليل الأسباب الاقتصادية والاجتماعية وربما السياسية, انطلاقاً من أن البحث في الجذور الحقيقية للمشكلة هو الطريق الوحيد نحو إيجاد حلول جذرية ومتسقة مع الحدث.
وفي هذا الصدد تطرح الأسئلة التالية نفسها بإلحاح :
ما أسباب الهجرة غير الشرعية ؟
ما هي التدابير المعتمدة والجهود المبذولة الأمنية والانسانية في التجارب العربية والدولية لمعالجة قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء والاتجار بالبشر ؟
ما هي الأدوار المنوطة بالمؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية بشأن معالجة قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء والاتجار بالبشر؟
ما هي التدابير المعتمدة والجهود المبذولة الأمنية والانسانية في التجارب العربية والدولية لمعالجة قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء والاتجار بالبشر ؟
ما هي الأدوار المنوطة بالمؤسسات الحقوقية والمنظمات الدولية بشأن معالجة قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء والاتجار بالبشر؟
بغية ايجاد بعض عناصر الاجابة على الأسئلة المطروحة أعلاه وبالتالي بلورة حلول تجول دون تفاقم الظاهرة ووعيا منهما بدورهما الأكاديمي التحليلي والاقتراحي و تفعيلا للعلاقات المتميزة التي تربطهما ببعضهما و بمجموعة من الشركاء، تنظم جامعة الحسن الأول و جامعة نايف للعلوم الأمنية بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة ندوة علمية بعنوان" الهجرة غير الشرعية: الأبعاد الأمنية والإنسانية " أيام 04-05 و 06 فبراير 2015 بقصر المؤتمرات بالصخيرات – المغرب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق