حرره: الأستاذ مولاي علي الأمغاري - 27 ماي 2015 مراكش.
نظم مختبر الترجمة وتكامل المعارف وماستر اللغة والنص بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش لقاء علميا مع الدكتور محمد مساعدي، الأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بجامعة سيدي محمد بن عبد لله بتازة، في موضوع:
( الخبرة الجمالية : الأسس الظاهراتية والامتدادات التأويلية).
وذلك يوم الأربعاء 8 شعبان 1436 الموافق 27ماي 2015
بمدرج المحاضرات بكلية الاداب والعلوم الإنسانية.
سير اللقاء العلمي الدكتور عبد الواحد المرابط، شكر في كلمته الافتتاحية كل من أسهم في التحضير لهذا اللقاء العلمي المتميز، كما شكر الحضور من الأساتذة والطلبة والزوار، وبعدها قدم د. محمد المساعدي مستعرضا سيرته الذاتية والعلمية وجهوده في البحث العلمي، وخدمة طلبة العلم في الكلية المتعددة التخصصات بتازة، وغيرها من الكليات.
أما كلمة د. المساعدي الافتتاحية فقد قدم فيها الشكر للمنظمين مختبر الترجمة وماستر اللغة والنص، ولمسير اللقاء د. المرابط،والحضور من الأساتذة والطلبة، ثم شرع في تقديم محاضرته العلمية، وهذه تفاصيل المحاضرة:
- أهداف المحاضرة:
- التعريف بفلسفة الفن (الظاهراتية والتأويلية) باعتبارها ركيزة تستند عليها النظرية الأدبية المعاصرة وخصوصا نظرية التلقي. – استثمار آليات ظاهراتية وتأويلية لدراسة نصوص إبداعية.
- محتويات المحاضرة:
- ما المقصود بالخبرة الجمالية؟
- الخبرة الفنية والجمالية من خلال نماذج عربية دالة.
- الأسس الظاهراتية للخبرة الجمالية عند هوسرل.
- الامتدادات التأويلية للخبرة الجمالية في نظرية التلقي وفلسف الفن عند هيدجر.
- نماذج تطبيقية.
وقف الأستاذ مساعدي عند مفهوم الخبرة الجمالية، بتعريفه كل مصطلح على حدة، ثم قدم مفهوما جامعا والذي لخصه في أن الخبرة الجمالية أو التجربة الجمالية هي خبرة بالفن باعتباره مجالا تفصح فيه الأشياء والموجودات عن حقيقتها أي عن ماهيتها في الوجود، كما يمكن التميز في الخبرة بين خبرة فنية أولية إبداعية؛ وهي خبرة الفنان المبدع، وخبرة جمالية إدراكية؛وهي خبرة القارئ أو الناقد أو المشاهد.
والخبرة الفنية تحاول أن تجيب عن سؤال : كيف يفصح الوجود عن ماهيته من خلال خبرة الفنان( تشكل الفن والصور الشعرية والخيال)؟
أما الخبرة الجمالية تحاول أن تجيب عن سؤال : كيف تظهر ماهيات الظواهر التي يفصح عنها الفن في خبرة القارئ أو الناقد أو المشاهد (تلقي الفن)؟
ومثل د. مساعدي للخبرة الفنية والجمالية من خلال أنموذج تعاطي أبي نواس للشعر، وبين من خلاله كيف تتشكل الخبر بالشعر عن العرب القدامى.
وأنموذج استلهم العلامة الامدي مضمون وصية أبي تمام للبحتري، كمثال لاكتساب الخبرة النقدية بالإتباع والتقليد.
بعدها تطرق إلى موضوع الظاهراتية: المنطلقات والمفهوم، وبعد عرض لمجموعة من الأسئلة والمفاهيم، خلصت إلى أن الظاهراتية تتجاوز كلامن الاستقراء التجريبي والاستدلال العقلاني،وأن شعارها هو: (العودة إلى الأشياء) وهدف الشعار هو البدء من الجذور لا من التصورات، من المعطيات لا من النظريات، من أجل التخلص من الفروض المسبقة التي تحجب عنا ماهيات الظواهر والبدء مما هو معطى لنا في خبرتنا المباشرة العودة إلى الأشياء إذن هي في عمقها عودة إلى الذات، ما دامت الأشياء غير مستقلة عن الوعي.
وبين أن هوسرل شق طريقا ثالثا بين المذهبين التجريبي والعقلاني، يقوم هذا الطريق على مد الجسر بين الذات والموضوع، وسمى هوسرل هذه الرؤية باسم الظاهراتية، ومعناها: علم الظواهر الخالصة التي تتجلي في الوعي القصدي للذات، كما قدم المحاضر إجابة عن سؤال: كيف يتأسس الموضوع القصدي في الوعي القاصد؟
وهو أن الموضوع القصدي ليس موضوعا مفارقا للذات وإما هو موضوع ملازم لها، ويتأسس في فعل القصد.
فالقصدية عند هوسرل هي" تلك الخصوصية الفريدة للخبرة بوصفها وعيا بشيء ما".
وعرج الأستاذ المحاضر على موضوع الخبرة الجمالية وأسسها الظاهراتية، فهاجس علم الجمال الظاهراتي هو البحث عن الكيفية التي تتجلى بها الأعمال الفنية في خبرة الذات، وهو يقوم على مبدأ تختزله عبارة : ( إن كل خبرة جمالية هي خبرة بموضوع جمالي ما) .
فعلم الجمال الظاهراتي يتبنى في المقابل رؤية منهجية تلتحم فيها الذات بالموضوع، ووفق هذه الرؤية فالخبرة الجمالية هي حصيلة تلق قاصد لموضوع قصدي.
وبين الدكتور مساعدي ملامح الفكر الظاهراتي في نظرية التلقي، والامتدادات التأويلية للخبرة الجمالية عند هيدجر.
وختمت المحاضرة بنماذج التطبيقية للخبرة الجمالية عند هيدجر، والعمل الفني بوصفه شيئا وحاول الأستاذ الإجابة عن عدة أسئلة في ختام المحاضرة منها:
- كيف يفصح الشيء عن ماهيته في العمل الفني؟
- ما الذي يميز العمل الفني عن الأداة؟
- ما الذي يميز العمل عن كتلة الجرانيت؟
- مدى قصور ثنائية المادة الصورة عن إدراك حقيقة الفن؟
- ما المقصود بحقيقة العمل الفني؟
كما قدم قراءة تفصيلة عن عملين فنين؛ الأول لوحة الحذاء لفان جوخ وتوضيح أداتية الأداة من خلالها، ولوحة الخزف للفنان التشكيلي محمد الزياني.
وقصتين قصيرتين : الأولى قصة " امرأتان درستا معا " وقصة " حشوة"، ومسائل الجوهر والمظهر والظاهر والباطن والقيم والمادة والجزئي والكلي.
وذيلت المحاضرة بمناقشة متميزة من الحضور، مع تدخلات مفيدة للأساتذة والطلبة الباحثين والتي لمست موضوع المحاضرة من حيث التصورات الأساسية والمفاهيم والمرجعيات المعرفية والفلسفية والضلال الإيدلوجية لنظرية التلقي، مما جعل د. مساعدي يثني على هذه المناقشات والتدخلات ويشكر الحاضرين عليها.
أجاب الأستاذ المحاضر عن أسئلة الطلبة، وركز في إجاباته عن الفرق بين النص الشرعي والنص الأدبي دراسة وتأويلا وتذوقا، وبين أن لا جمال خارج اللغة، وأن النصوص الإبداعية القديمة قابلة لتفاعل مع قرائها في كل زمان ومكان، وهي متجددة المعنى والأثر في الحاضر والمستقبل، وأن المصطلحات والمفاهيم حينما تنتقل من ثقافة إلى ثقافة تفقد بعض من معانيها.
رفعت الجلسة بعد أن قدم الدكتور عبد الواحد المرابط ملخصا هاما حول أهمية المحاضرة ومضامينها، كما بشر الطلبة والحضور بأن ماستر اللغة والنص حريصا على استدعاء مجموعة من الدكاترة الباحثين الشباب المعروفين بالجدية في البحث العلمي والحرص على تقديم المعرفة و الإنتاج الفكري الرصين والمفيد للطلبة الباحثين.
*******************************
تنوية : يقدم صاحب التقرير الشكر الجزيل للدكتور محمد مساعدي لتوفير نسخة من المحاضرة يسرت تحرير هذا التقرير، كما أشكر الدكتور عبد الواحد المرابط على معلوماته القيمة المتعلقة بالمحاضرة وباقي المحاضرات المستقبلية، ولا أنسى شكر طلبة الدكتورة بالمختبر الترجمة وتكامل المعارف على ما قدموه من جهد في إنجاح هذا اللقاء العلمي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق