نورالدين لحميدي*
تنظم ثانوية النصر التأهيلية بأحد امسيلة نيابة تازة قافلة للقراءة ، في الفترة الممتدة من من يوم الاثنين 11 ماي الجاري إلى غاية 15 منه ، تحت شعار " القراءة والمعرفة سبيل التنمية " حيث تستهدف بالأساس الوسط القروي بجهة تازة الحسيمة تاونات ، نظرا لما يتسم به من صعوبات سوسيو- ثقافية ووضعيات نفسية صعبة، تقتضي الانخراط الفعلي الكلي من أجل التشجيع على القراءة والمعرفة التي تروم تنمية حقيقية تساير التطور في مختلف بقاع العالم ، وتجاوز كل الإشكالات التي يمكن أن تكون عواقبها وخيمة .
إن الوعي بأهمية القراءة هو من يجعل متعلما يتوق لأن تشتعل بداخله الرغبة في تغيير واقعه وبناء مستقبل ناجح ومتميز ، مما يفصح عن الأدوار الطلائعية التي قد تلعبها المؤسسات التعليمة بطاقمها الإداري والتربوي في احتضان متعلمات و متعلمين لديهم احتياجات متعددة وبلورة هذه الرغبة إلى تفوق وتميز . وكذا الكشف عن المواهب والطاقات والعمل على تنمية قدراتها ...
مثل هذه المبادرات يستدعي التشجيع والمساندة المعنوية ، من أجل بناء مغرب متكامل تسير فيه كل أقطابه بشكل متواز ، على اعتبار أن انفتاح المؤسسة على المحيط أو العكس ، يجعل كل الأقطاب شركاء فعليين في بلورة بصمة إيجابية تستشرف واقعا ثقافيا رائدا .
إن نموذج ثانوية النصر التأهيلية جعلت نفسها تتبوأ مكانة سامية في ابتكار مبادرات تتخذ طابع السبق والجدة ، الشيء الذي يكشف عن استراتيجية منطقية في التدبير المشترك والتسيير المعقلن ، حيث ينخرط العديد من الأساتذة في تأطير أندية متعددة تعنى بالبيئة والثقافة والتنمية والتوجيه والإنصات والاستماع . ذلك أنه منذ إحداث هذه الثانوية ، فالشغل الشاغل الذي كان يعتمل بدواخل أطرها ولايزال ، هو كيفية إخراج المتعلمين من وضعياتهم الصعبة وجعلهم يغيرون تلك النظرة السائدة عن أبناء القرية ، خاصة وأنهم ينحدرون من دواوير تبعد عن المؤسسة بالعديد من الكيلومترات ، من أجل الحفاظ على الهدف الأساس الذي وضعته نصب عينيها وهو الاحتفاظ بكل التلاميذ المسجلين ومحاربة الهدر المدرسي وتحقيق نسب نجاح مهمة ، وقبل هذا وذاك تحقيق المعرفة الحقيقية خاصة وأن التلاميذ قبل إحداث الثانوية كانوا يتعرضون إلى الهدر المدرسي بشكل كبير جدا ، كما أن استبشار سكان الدواوير الوافدة إلى مركز أحد امسيلة خيرا بتواجد هذه الثانوية ، جعل الكل ينخرط في بناء مشروع مؤسساتي منطقي ومعقول .
وفي السياق ذاته ، وحسب مختلف الفاعلين سواء بالمؤسسة أو خارجها ، فإن الثانوية التأهيلية المذكورة تنخرط دائما في إطار السياسة العامة ، حيث حققت منذ إحداثها نسب نجاح مهمة تمثلت منذ البداية في أول خطوة إيجابية متجلية بالأساس في تحقيق نسبة نجاح مهمة في أول استحقاق ببلدة أحد امسيلة التي قد ذاع صيتها الإيجابي في الآونة الأخيرة وأصبح الحديث عنها عند مجموعة من الأقلام الوطنية .
إن استكمال الثانوية مشروعها الكبير المتسلسل ، جعلها تبتكر مبادرات إيجابية ، لتعطي نموذجا مشرفا للمؤسسات العمومية العاملة بالوسط القروي ، حيث تتحدى الواقع الذي تعيشه هذه الفئة من المتعلمين وتبحث عن سبل مناسبة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، تماشيا مع النقاش العمومي الوطني الذي أطلق بمبادرة من المجلس الأعلى للتعليم ، بعد توصيات الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله .
وفي هذا الإطار تم إحداث مكتبة وسائطية بثانوية النصر التأهيلية ، تحت شعار " المكتبة الوسائطية بديل أساسي وفضاء خصب للارتقاء بمتعلمي العالم القروي " ، وقد جاءت هذه المبادرة باعتبارها متنفسا أساسيا ومجالا خصبا وناجعا لتوسيع المفاهيم وتنمية المهارات واكتساب التعلمات وتشجيع القراءة بالوسط القروي ، في ظل افتقار البلدة لأماكن ذات صبغة تربوية وثقافية وترفيهية ، وكذا محاربة الهدر المدرسي . حيث ابتدأ المشروع بروح الإرادة والعزيمة والتحدي ، ومجهودات فردية للفاعلين داخل المؤسسة . لينخرط بعد ذلك شركاء أساسيين باعتبار أن المؤسسات التعليمية هي مؤسسات الوطن والأمة والكل يشتغل بحماس من أجل الجيل الصاعد .
وفي سياق مشروع المؤسسة الثلاثي 2014-2017 الرامي إلى إحداث المكتبة الوسائطية بالثانوية التأهيلية المذكورة، بادر مجلس التدبير إلى تنظيم قافلة مدرسية تتضمن ست محطات في الجهة ، من شأنها حث وتشجيع المتعلمين على القراءة بالوسط القروي ، حيث ستنطلق من أمام ثانوية النصر التأهيلية بأحد امسيلة في اتجاه أول محطة متمثلة في مدينة تازة ، مرورا بجرسيف وواد أمليل وتاونات والحسيمة ووصولا إلى ساحة 20 غشت بمدينة تازة ، كما يشارك إلى جانب مجلس التدبير أساتذة وأستاذات من داخل المؤسسة ، وجهات أخرى متعددة في كل محطة من محطات القافلة ، تجسيدا لرؤية الكل يشارك من أجل التنمية وتكوين جيل ناشئ متعلم ، قارئ ومتميز . خاصة وأن المغرب مقبل على استحقاق وطني مهم يتمثل في الامتحانات الإشهادية الجهوية والوطنية ، والمتعلمون يحتاجون إلى تشجيع وتحفيز ودعم أساسي ، يكشف لهم على أنه بالقراءة والمعرفة يمكن أن نتجاوز كل الإشكالات والعراقيل في سبيل تكوين جيل قادر على تحمل المسؤولية ورفع راية الوطن في كل المحافل الدولية.
* أستاذ الثانوي التأهيلي
0 التعليقات:
إرسال تعليق