''باريز وما أدراك ما باريز"
(مسافرون مغاربة)
في النصف الأول من القرن التاسع عشر، اكتشف العالم العربي الإسلامي فرنسا لأول مرة. ولقد تمّ هذا الاكتشاف الأول عبر باريز، "مدينة النور" التي خطفت إعجاب الرحالة العرب الذين حذوا حذو رائد الرحالة العرب إلى فرنسا الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي. وكان هذا الفتى الصعيدي قد وفد عليها باعتباره إماما للبعثة التعليمية المشهورة التي أرسلها محمد علي إلى باريز ما بين 1826 و1831 لتحديث مؤسسات دولته والقيام فيها بعدد من الإصلاحات الإدارية والتقنية التي أدّت إلى النهضة.
وبعد خمسة سنوات من مقامه بها، جمع الشيخ الإمام خلاصة تجاربه الاجتماعية وعصارة مغامراته الفكرية مع أكبر علمائها ومستشرقيها في كتاب رحلته الشهير تخليص الإبريز في تلخيص باريز. ومنذ صدور طبعته الأولى ببولاق (1250 هـ / 1834 م)، أحدث هذا الكتاب الرفيع رجّة فكرية مدويّة بين أهل السياسة والعلم وأرباب القلم والفكر، فترك آثارا قوية على قرائه في العالم العربي شرقا وغربا.
وهكذا صارت رحلة رفاعة الطهطاوي، في التاريخ الحديث، مرجعا لمعظم الرحالة العرب بالمشرق والمغرب ودليلا مناسبا لزيارة باريز، فشكـّلت بذلك علامة فارقة من علامات التلاقح الثقافي بين شعوب ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وجسّدت أيضا ظاهرة من ظواهر الاحتكاك والتواصل الحضاري بين العالم العربي وأوروبا من خلال بوابة فرنسا البهيجة: باريز.
ولقد وصلت أصداء هذا المرجع المطبوع إلى بلاد المغرب، فاكتشف المتأدّبون المغاربة بين دفتيه عجائب مدينة النور قبل أن يزورها بعض أبناء جنسهم بدورهم على خطى الطهطاوي.
فطيلة القرن التاسع عشر ثم في بداية القرن العشرين، زار كثير من المغاربة باريز نذكر منهم : محمد الصفار، والعمراوي، وإدريس الجعيدي وع الفاسي، والحجوي، والسيّاح... أغلب هؤلاء سفراء أو أعيان أو كتاب فقهاء كُلـّفوا بمهام ديبلوماسية رسمية بدولة فرنسا، فكانت زيارتهم الأولى لباريز مناسبة عظيمة لاكتشاف معالمها الحضارية الباهرة، ورصد علوم جنسها وفنونه العديدة، ووصف مشاعرهم وانطباعاتهم نحو أخلاق أهلها وعاداتهم المدنية، وتسجيل ملاحظاتهم وتصوراتهم المختلفة عن عمران المدينة الهائل، وعن مؤسساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وعن وسائل الحركة والنقل بها. وكان التعبير عن مشاعر الاندهاش والانبهار بمدينة النور أبرز ما دوّنه هؤلاء المغاربة في كتب رحلاتهم الخاصة من ارتسامات وصور وذكريات بديباجة البلاغة العتيقة وأساليب الوصف والسرد القديمة والحديثة.
ولأن هؤلاء المغاربة كانوا ينتمون أساسا إلى صفوة النخبة المثقفة والسياسية التي انصهر تكوينها الأدبي والفكري في قوالب الثقافة العربية الكلاسيكية الإنسانوية، فصفحات رحلاتهم الطويلة أو القصيرة عن فرنسا ـ وعن عاصمتها باريز تحديدا ـ تكشف لنا عن انفتاح أفق فكري واسع، وعن تسامح ملحوظ عند لقاء الآخر المختلف، وعن فضول حضاري بارز نحو كل مظاهر التحديث الأوروبي...
ورغم أن هذه الرحلات المغربية تمّت في عهود وسياقات سياسية مختلفة، ونهضت بمهمّات ديبلوماسية مستعجلة، فإن أصحابها استغلوا جيدا مناسبة هذا السفر الأوّل لزيارة متاحف باريز، وحضور بعض حفلاتها وعروض مسارحها، واهتموا قبل ذلك بمدارسها وجامعاتها ومكتباتها الحديثة، واطلعوا عن كثب على سير بعض مؤسساتها السياسية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل البرلمان والصحافة والمطابع والمصانع والمتاجر، واطلعوا على أبرز البنيات التحية والوسائل التقنية الحديثة مثل الطرق المعبّدة، والجسور المعلّقة، وأجهزة التدفئة في المنازل والقصور والفنادق، وأدوات الإنارة الخاصة والعمومية.
كم أثارت باريز الاهتمام والفضول، وكم خطفت من علامات الاندهاش والإعجاب، وكم سحرت شوارعها ومعالمها وحدائقها العيون والقلوب. فمن خلال صحف المغاربة عن باريز سواء تلك التي طبعت أو التي لم ما زالت قيد المخطوط، يمكننا أن نتتبع مليّا متى وكيف اطّلع رحالتنا على حضارة مختلفة، تنفر بعض مظاهرها أو تصدم بعض مشاهدها، غير أنها في جميع الأحوال تثير الإعجاب بقدر كبير يرفعها إلى مرتبة النموذج الحضاري. وعندما ننظر في مجموع الصور والتمثلات والانطباعات التي تركها رحالتنا عن هذا النموذج، نعثر بين السطور ـ أحيانا بالقول الصريح و كثيرا بالإشارة والتضمين ـ على جملة من الفوارق والنواقص والسلبيّات التي يسجلها كلّ زائر على حدة عن مجتمعه الذي ما زال يقبع في الجهل والأميّة والتخلف والخرافات...
بعد منتصف القرن العشرين، تبدأ مرحلة جديدة في اكتشاف المغاربة لباريز. ففي سياق الحماية، لم تعد هذه المدينة محل زيارات ديبلوماسية رسمية عابرة بل صارت مقاما لفئات وطبقات مختلفة من المغاربة : فإلى جانب الطلبة والمثقفين والفنانين والكتاب والصحفيين والتجار الذين قصدوها لأغراض متباينة (الدراسة، البحث العلمي، الصحافة، التجارة، الخ)، استقطبت المدينة عددا وافرا ومتزايدا من المهاجرين القرويين والمغتربين البسطاء الذين وفدوا على ضواحيها إما سعيا وراء سراب الغنى السريع أو رغبة في فرص عمل أحسن وشروط حياة كريمة أفضل. فاحتل وصف باريز نتيجة لذلك مكانا مرموقا، لا في دواوين الشعر ومرويات السرد الأدبي فحسب، بل حتى في إبداعات النحت وتجليات التشكيل وقطاع الإنتاج السينمائي.
إن تجربة لقاء المغاربة بفرنسا وتحديدا بباريز لتعد صفحة بارزة من تاريخ العلاقات بين مجتمعين وثقافتين يتحاوران ويتبادلان المصالح والمنافع رغم طبيعة الفروق الحضارية.
ودراسة هذه التجربة الثقافية الفريدة وفحصها وتحليلها من زوايا نظر متعددة هو الموضوع الذي اختاره منظمو هذه الندوة الدولية الذين ينتمون إلى عدة بنيات بحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان (’فرقة البحث عن كتابات الهوية ببلاد المغرب‘، ’شعبة اللغة الفرنسية وآدابها‘، ’مختبر.شمال المغرب المتوسطي والنقد الحضاري‘، ’فرقة البحث في ثقافات المجتمعات المتوسطية‘)،.ويسعدهم أن يقترحوه على المشاركين داخل المغرب وخارجه باختلاف مشاربهم ومناهجهم.
ونظرا لما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية بالغة أدبيا وعلميا وراهنيته وطنيا ودوليا، فإن المشاركة فيه تهمّ دارسي الآداب، والمؤرخين والباحثين في التاريخ، والجغرافيين، والباحثين في علم الاجتماع، الخ، كل حسب طرق دراسته، ومناهج تحليله.
ويطرح المنظمون المحاور التالية للندوة في شكل مجموعة من الأسئلة الجوهرية:
أ ـ ما هي الأحاسيس والمواقف التي تثيرها زيارة باريز أو المقام فيها ؟
ب ـ ما هي الصور التي نحتها وكونها المغاربة عن باريز ؟
ج ـ ما هو الدور الذي لعبه لقاء باريز والاحتكاك بفضائها وأهلها في بلورة مشروع الإصلاح عند النخب المغربية وتحديد توجهاتهم نحو الحداثة ؟
د ـ ما هي التبادلات الثقافية التي سمحت بها زيارة باريز والمقام فيها ؟
و ـ ما هي المشاهد والمناظر والأماكن التي لفتت انتباه الرحالة المغاربة، فوقفوا عند وصفها وبأي معان جمالية رصدوها ؟
ص ـ ما هي أصناف الكتابات التي أفرزتها باريز لدى المغاربة ؟
ع ـ ما هي الانطباعات والتصورات والتمثلات التي رسخت عن فضاء باريز وأهلها في المرويات الأدبية والفنون والسينما المغربية ؟ ما هي مظاهر الاستمرارية فيها وما هي معالم القطيعة فيها ؟
منسق الندوة الدولية الاستاذ الدكتور محمد سعد الزموري
اعضاء اللجنة المنظمة
د.محمد سعد الزموري
د(ة) وفاء الكورفطي
د.مصطفى حنفي
د.مصطفى الغاشي
د.حميد العيدوني
د.نزار التجديتي
الندوة الدولية : السفر الى باريز منظمة من طرف فرقة البحث حول الكتابات الهوياتية في المغارب وشعبة اللغة و الادب الفرنسي ومختبر النقد الحضاري وحوار الثقافات و الابحاث المتوسطية ومجموعة البحث حول السينما والسمعي البصري وفرقة البحث في الثقافات والمجتمعات المتوسطية ايام 26/27 نوفمبر 2014 بكلية الاداب والعلوم الانسانية بتطوان .
Représentations de Paris : des Marocains
à la rencontre de la « ville-lumière »
« Paris ! Mais qui pourra vous décrire ce qu’est Paris ! »
(Voyageurs marocains)
Colloque International à la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines de Tétouan
Les 26 et 27 novembre 2014
Argumentaire:
Au dix-neuvième siècle, le monde arabo-musulman découvre la France. Cette découverte se fait à travers Paris, une ville qui va émerveiller les voyageurs arabes successifs qui vont suivre à la trace, le pionnier, l’initiateur des voyages vers la « ville-lumière » : l’Egyptien Rif’at at-Tahtâwî. Celui-ci s’y rend, rappelons-le comme directeur et guide spirituel, avec un groupe d’étudiants envoyés en France (à Paris précisément) par le Pacha Mohamed ‘Alî pour y faire des études entre 1826 et 1831. L’Egypte sous l’égide de son gouvernement s’est engagée dans la voie de la modernisation et des réformes qui devront aboutir à la Nahda. Son expérience à Paris, ses aventures, ses descriptions, ses observations, ses réflexions et sa vision il les publiera dans son célèbre récit de voyage (rihla) (Takhlîç al-ibrîz fî talkhîç Bârîs, traduction française, par A. Louca sous le titre, L'Or de Paris,) qui laissera une profonde impression et empreinte sur les lecteurs du monde arabe et notamment les élites marocaines. Ce livre deviendra une référence majeure pour tous les voyageurs arabes et particulièrement marocains et constituera un des jalons de l’histoire de la rencontre et des contacts du monde arabe avec l’Europe et notamment avec la France.
En Orient, la Turquie et l’Egypte sont concernés par ce phénomène, tandis qu’en Occident musulman, le Maroc s’affirme comme un interlocuteur et un partenaire de premier rang avec la France.
Aussi tout au long du dix-neuvième siècle puis au vingtième siècle, nombreux seront les Marocains qui visiteront Paris. Citons quelque uns : Essafar, El ‘Amraoui, A. El Fassi, M. El Hajoui, as-Sayyah… Ce sont pour la plupart des ambassadeurs ou des notables investis de missions officielles qui s’y rendent ; ils sont impressionnés par la capitale française et vont traduire leurs sentiments, impressions et observation dans leurs récits respectifs de voyage. Ces voyageurs appartiennent aux élites intellectuelles et politiques : il s’agit de représentants ayant le statut de clercs, ce sont des ulema, lettrés, imprégnés d’une culture humaniste et la rencontre avec Paris révèle leur vision moderniste, leur ouverture d’esprit, leur tolérance… Ces voyages ont lieu sous divers règnes et dans des contextes politiques différents. Au-delà de la mission officielle qu’ils accomplissaient, ces voyageurs visiteront Paris, ses monuments, ses institutions, ses lieux de culture et de loisirs, s’intéresseront à ses écoles et universités, à ses bibliothèques, à ses institutions politiques, à sa presse, à la société parisienne/française, aux divers aspects de la vie sociale et économique, etc.
Ainsi Paris suscite l’intérêt, la curiosité et l’admiration ; Paris captive ; Paris séduit ; Paris fascine. Et derrière cette ville, se profile toute une société, toute une civilisation et à travers le récit sur Paris nous lisons comment nos voyageurs appréhendent une civilisation qui si elle rebute ou choque par certains de ses aspects qui heurtent la sensibilité religieuse et morale des concernés, suscite davantage l’admiration, apparaît comme un modèle, et renvoie aux en même temps aux faiblesses, déficits, tares, de leur propre société enfoncée dans les problèmes, le désordre, le sous-développement, l’analphabétisme, les superstitions.. Derrière l’explicite dans les textes on perçoit beaucoup de choses implicites et de non-dit. C’est ce dont témoigne les récits de voyage dont certains ont été publiés tandis que d’autres sont encore à l’état de manuscrit.
Puis à partir de la moitié du vingtième siècle, commence une nouvelle étape, Paris n’est plus la ville que l’on visite de passage pour y accomplir une mission officielle momentanée, elle devient avec le contexte colonial une ville où s’installent et vivent des Marocains, notamment des intellectuels, des artistes, des écrivains qui rejoignent une colonie de plus en plus nombreuse d’émigrés, pour la plupart d’origine rurale, venus pour y chercher un emploi, des moyens de subsistance, un gagne-pain. Paris conquiert sa place dans les écrits littéraires et les productions de l’art, le cinéma notamment. Elle devient à travers la fiction, le décor d’histoires et d’aventures diverses, un objet de description. Paris devient aussi le lieu de vie de plusieurs marocains « ordinaires », des travailleurs qui se heurtent au mirage de la vie moderne, vivent l’expérience de l’expatriation, les difficultés de l’exil, les frustrations, les rêves de prospérité matérielle…
La rencontre avec la France, avec Paris, est une page de l’histoire des relations de deux pays, de deux sociétés, de deux cultures, (à travers les expériences d’hommes et de femmes), qui mesurent leurs écarts culturels, qui dialoguent et échangent, qui se fécondent mutuellement… Des Marocains à la rencontre de Paris, c’est ce que propose d’examiner et d’analyser sous les angles les plus divers ce Colloque International organisés par plusieurs structures de recherche de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines de Tétouan : Equipe de Recherche sur les Ecritures Identitaires au Maghreb, Département de Langue et Littérature Françaises, Groupe de Recherche de Critique Civilisationnelle et de Dialogue des Cultures et des Etudes Méditerranéennes, Equipe de Recherche sur les Cultures et les Sociétés Méditerranéennes, Groupe de Recherches sur les Etudes Audiovisuelles et le Cinéma. Ce Colloque sera organisé avec la collaboration et le soutien du Conseil des Marocains Résidents à l’Etranger et l’Institut Français du Nord. Il interpelle, les littéraires, les historiens, les géographes, les sociologues… qui s’efforceront de répondre aux interrogations suivantes et à d’autres :
Quels sentiments éveillent et quelles attitudes révèlent la visite et le séjour à Paris ?
Quelles images se construisent et se forgent sur ou autour de Paris ?
Quel rôle joue la rencontre et le contact avec Paris dans l’épanouissement du projet de réformisme et l’aspiration au modernisme qui anime les élites marocaines ?
Quels échanges entre les cultures, permet et promeut la visite et le séjour à Paris ?
Quels paysages et quels lieux retiennent l’attention et sont l’objet de descriptions et avec quel sens esthétique ?
Quelles écritures génèrent Paris ?
Quelles représentations s’affirment dans la fiction littéraire, dans les récits modernes, dans l’art et le cinéma ? Avec quelles continuités et quelles ruptures ?
Quelle vie à Paris pour ceux qui y ont élu résidence avec quels vécus, quels rêves, quelles difficultés… ?
Coordinateur du Colloque Pr Mohammed Saâd Zemmouri
Le Comité d’organisation est composé des Professeurs:
Zemmouri Mohammed Saâd
Hanafi Mustapha
Gorfti Ouafae
Ghachi Mustapha
Aidouni Hamid
Tajditi Nizar
Ce Colloque International organisé conjointement par l’Equipe de Recherche sur les Ecritures Identitaires au Maghreb, le Département de Langue et Littérature Françaises, le Groupe de Recherche sur les Civilisations et le Dialogue des Cultures en Méditerranée, le Groupe de Recherche sur le Cinéma et l’Audiovisuel, l’Equipe de Recherche sur les Cultures et les Sociétés du Monde méditerranéen se tiendra le 26 et 27 novembre 2014 à la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines de Tétouan.
المصدر: موقع كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد الملك السعدي تطوان
0 التعليقات:
إرسال تعليق