الاثنين, أكتوبر 27, 2014
Unknown
شارك هذا الموعد مع أصدقائك:
من
مفارقات السياسة، في بعدها الدولي، أن أوربا التي سطرت حدود دول المغرب
الكبير، وأرفقت رسمها بعشوائية كبيرة لا تقيم اعتبارا للجغرافيا أو
التاريخ، تشهد منذ سنوات طوال عمليات مراجعة لحدودها السيادية التي تخترق
جسدها وذاكرتها التاريخية، وتعمل على تمتين وحدة توائم بين السيادة
السياسية والمعطيات الجغرافية والسكانية والإثنية والتاريخية وغيرها، وذلك
بغرض تجاوز الصراعات والحروب المدمرة وسوء الجوار.
وعلى
عكس هذا المسار، ما تزال دول المغرب الكبير رهينة الجغرافية السياسية
بثقلها الصدامي والسيادي، مجافية بذلك حقائق الواقع والتاريخ والديموغرافيا
والجغرافيا والدين والثقافة. فمجتمعات المغرب الكبير لم تعرف الحدود،
بمعناها المعاصر، إلا مع صدمة الاستعمار، ومع غياب المشاريع السياسية
والمجتمعية والثقافية، تظل مجالات الجوار مهددة بتوجهات، خارجية وأخرى
داخلية، ترنو إلى تفكيك العلاقات التاريخية وتبديد الوعي الجمعي وإضعاف
الشعور بالانتماء إلى جغرافيا جامعة، ومشترك حضاري يضرب بجذوره في أعماق
التاريخ.
تأبى
مجالات الجوار في المغرب شرقا وشمالا وجنوبا أن تخضع لمنطق الجغرافية
السياسية، فحتى في أزمنة الصراع والخلافات السيادية بين دول المغرب الكبير،
ظلت هذه المجالات وفية لجوار حضاري قديم، وأرض ممتدة لا تأبه بالخرائط
والرسوم، وإرث لغوي وديني ومذهبي مشترك، وعمق اجتماعي يرفض الانشطار ويصر
على تبادل الخبرات والعادات والمعتقدات. ولتكريس هذه المشتركات، تحتاج هذه
المجالات إلى مشاريع ثقافية تنموية تعزز المشاريع السياسية والاقتصادية لأن
الثقافة هي القادرة على تفكيك الحواجز، وبناء مساحات أوسع للتواصل والبناء
والتكامل.
وإذا
كان من الممكن للمتخصصين في علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا،
والمشتغلين في الاقتصادوغيرهم، إثبات الصلات الوثيقة التي تجمع بين مجالات
الجوار في المغرب مع جيرانه، فإن للتاريخ دور أساس في هذا الصدد؛ إذ قبل أن
يرسم الاستعمار خطوطه على خارطة المغرب الكبير، وحتى بعد ذلك، ظلت هذه
المجالات نقط تواصل واتصال وتعاون وتعايش في شتى الميادين، وذلك ما تسعى
الجمعية المغربية للبحث التاريخي إلى استحضاره في أيامها الوطنية الثانية
والعشرين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، استلهاما لماض مشترك،
واستشرافا لمستقبل أفضل تتراجع فيه النزعة القطرية لصالح البناء والتكامل
والتعاون، وبناء أرضية صلبة لتنمية حقيقية في هذه المجالات.
تقاسمت
ساكنة مجالات الجوار هذه مع جاراتها، على مدى زمني طويل، الأصول واللغة
والدين والمذهب والحضارة، وشكلت معبرا لانتقال وتبادل الأفكار والمعتقدات
والعلم والتصوف…،وتنقل عبرها العلماء والفقهاء والحجاج والتجار دون أن
يصطدم تحركهم بإملاءات السياسة وأصحابها، وتعايشت فيها ساكنة تبادلت
خبراتها في الزراعة والرعي والتجارة وأنماط السكن والاستقرار، واندمجت
الكثير من أسرها وتشابكت فيها علاقات القرابة والمصاهرة، واشتركت في الكثير
من العادات المرتبطة بحياتها اليومية، مثلما تشابهت فيها أنماط العيش
وأشكال البناء والمعمار وغيرها.
لقد
كانت مجالات الجوار المغربي، عبرالتاريخ، فضاء تواصل حضاري ومناطق ثراء
ثقافي وانصهار اجتماعي وتبادل اقتصادي، ولم تكن ساكنة هذه المجالات تشعر
أصلا أنها تعيش في مجالات تماس إلا عندما تتعرض لإكراهات السياسة والحرب،
اللهم إذا استثنينا بعضا من تناظرالجوار ذي الأبعاد الثقافية والذي لا يكاد
يخلو منه مجال من المجالات.
واعتبارا
لأهمية هذا التآلف والتعايش والتداخل الذي ميز العلاقة بين هذه المجالات
الجوارية المغربية مع جاراتها عبر التاريخ في بلورة المفهوم الحقيقي لمصطلح
المغرب الكبير، واعتبارا للدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه استحضار
التاريخ من أجل إحداث ثورة نفسية تزيح كثيرا من جليد السياسة وتعري عن
حقيقة العلاقة التي ينبغي أن تؤسس بين هذه المجالات، نقترح على الباحثين
الإسهام في أحد محاور هذه الأيام الوطنية:
المحور الأول: أية مقاربة منهجية لدراسة مجالات الجوار المغربية؟
المحور الثاني: مجالات الجوارالمغربية، فضاء للتواصل والتلاقح الثقافي
المحور الثالث: مجالات الجوارالمغربية، أوجه التعايش والانصهار الاجتماعي
المحور الرابع: مجالات الجوارالمغربية، مظاهر التكامل الاقتصادي
المحور الخامس: مجالات الجوارالمغربية، أية آفاق؟
تحميل استمارة المشاركة :
0 التعليقات:
إرسال تعليق